نفذت السلطات الحكومية العراقية منذ مطلع نوفمبر الحالي، سلسلة عمليات إغلاق وترحيل واسعة لمئات الأسر العراقية الموجودة في مخيمات شمال وغربي البلاد، وتحت إشراف قوات من الجيش والأمن الوطني وأرغمت سكان المخيمات على المغادرة دون توفير أي ضمانات أو بدائل لهم في مناطقهم الأصلية
لقد تلقى “مرصد أفاد” سلسلة معلومات مؤسفة تؤكد أن ما حدث أيام 9 و10 و11 نوفمبر الحالي ترقى إلى عمليات ترحيل قسرية جديدة للنازحين لم تضمن فيها وزارة الهجرة مصير آلاف العراقيين النازحين وخاصة الأطفال والنساء الذين تم إخراجهم من مخيماتهم، دون رغبة منهم، وصلت إلى حد إيقاف وصول صهاريج المياه الصالحة للشرب إلى المخيم منذ عدة أيام وسلب سكانه خصوصيتهم بتجوال القوات العسكرية بين خيام العوائل
بعد ترحيل سكان مخيم الجدعة إلى الجنوب من محافظة نينوى يوم 11 نوفمبر الحالي، تم اعتراض سيارات تقل قسما من تلك العوائل من قبل مسلحين يتبعون إحدى الفصائل المسلحة بقيادة شخص يدعى مجيد الجبوري، أسمعهم سيلا من الشتائم والتهم قبل أن يرفض إدخالهم إلى قرى جنوب وجنوب غربي البعاج، بحجة أنهم لا يمتلكون أوراقا ثبوتية، وكان آخر معلومات حول العوائل تلك هو مبيتهم قرب محطة وقود غير نظامية موجودة على الطريق القديم لبلدة البعاج حتى الساعة التاسعة من مساء الأربعاء، بينما وجدت أكثر من 40 أسرة منازلها مدمرة في مناطق غربي نينوى، خاصة تل عبطة والمحلبية، كما وجدت أخرى أن عوائل ثانية سكنت في منازلها، بعضها عوائل ضباط وقادة أمن وزعماء محليون، ورصد مبيت ثلاث أسر في مسجد على طريق عام قرب مفرق سنجار لم تجد مكانا تأوي إليه
وتكرر الحال مع مخيم الحبانية أكبر مخيمات الأنبار جنوب غربي الفلوجة، حيث جرى نقل عوائل بشكل إجباري إلى الكرمة بمزاعم إعادتهم لمنازلهم رغم أنهم يعلمون أن منازلهم في منطقتي الكناطر وإبراهيم بن علي (شرق الكرمة) تتخذها قوات من الجيش والحشد الشعبي ثكنات وهي مناطق منزوعة السكان منذ عام 2016، على غرار جرف الصخر والعويسات المجاورة وبلدات في صلاح الدين ونينوى
كما تم رصد جملة من الانتهاكات الخطيرة والمخالفة للقانون العراقي والدولي، تتورط بها وزارة الهجرة ومكتب الأمن الوطني ووحدات الجيش المشاركة في عملية ترحيل السكان فضلا عن مكتب محافظ نينوى نجم الجبوري، من بينها منح العوائل في المخيمات ما يعرف بـ”المهلة”، للإخلاء وترك المخيمات وكأن تلك العوائل تمتلك البديل أو الخيار حتى تبقى طيلة السنوات الماضية في المخيمات التي ساءت الأحوال المعيشية فيها كثيرا
كما أن الإجلاء القسري للنازحين رغما عن إرادتهم وبدلالة استخدام قوات الجيش في عملية إجبارهم على المغادرة من قبل مسؤول عمليات وزارة الهجرة، عباس جهاكير، يخالف قوانين حقوق الإنسان واتفاقيات العراق المتعلقة بهذا الخصوص مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين
لقد تم إيقاع النازحين بعملية خداع وإيهام كبيرة قادتها وزارة الهجرة من خلال إغرائهم بتسليمهم مبلغ المليون ونصف المليون دينار عراقي بمجرد صعودهم في الحافلات التي كانت تقف عند أبواب المخيمات والتابعة لوزارة النقل وهيئة الحج والعمرة، إذ لم يتم منحهم حتى سلة غذائية كما منعوا من أخذ خيامهم معهم، ورصدت حالات إنسانية موجعة بالنسبة للأطفال الذين اضطروا للمكوث في الحافلات عدة ساعات وكذلك كبار السن
إن إغلاق المخيمات التي تعاني أساسا من تفشي وباء كورونا وأمراض أخرى، يمثل مخالفة لمقررات خلية الأزمة الحكومية وينم عن استهتار بحياة المرضى والمواطنين على حد سواء
وإن عدم توفير مأوى للذين دمرت منازلهم بفعل الحرب، فضلا عن اعتراض المليشيات طريق قسم منهم يؤكد أن ما جرى لا يمكن تصنيفه ضمن برنامج إعادة النازحين بل أنها عملية طرد النازحين من المخيمات وإدخالهم بمرحلة نزوح جديدة قد تكون أكثر وطأة من السابقة مع بدء فصل الشتاء وأزمة السكن وتراجع مساعدات الأمم المتحدة والحكومة للنازحين
يؤشر معاودة مطالبة النازحين بأوراق أمنية وثبوتية عدم دقة وعود مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، وكذلك محافظ نينوى بما يتعلق في ترتيب أوضاع النازحين لمساعدتهم في بدء حياتهم مجددا وكذلك تسجيل أبناءهم بالمدارس والجامعات
إن ما حدث في الأيام الثلاثة الماضية لا يمكن اعتباره إلا خداعا حكوميا للرأي العام والعالم ونكسة إنسانية جديدة للنازحين المرحلين قسرا والذين يتجاوز عددهم أكثر من 4 آلاف نازح من مناطق نينوى والأنبار وديالى، وخاصة في مناطق المدينة القديمة بالموصل وتل عبطة والقيارة والحضر والبعاج والمحلبية وربيعة كونها مناطق أساسا غير صالحة لسكن من يوجَدون فيها منذ سنوات لنقص الخدمات والمؤن فكيف بمن تم القاؤه مساء من الحافلات على الطريق العام والإعلان إنه قد تمت إعادتهم لمنازلهم
لذا يطالب مرصد أفاد المنظمات المحلية والدولية والأممية إعلان حالة الطوارئ الإنسانية لإغاثة من تم تهجيره من المهجرين في المخيمات التي جرى إغلاقها من قبل وزارة الهجرة خاصة وأن غالبية الناشطين والمدونين يشتكون من عمليات تضييق وترهيب تمارس ضد من يعترض على الخطوة، كما ويحمل وزير الهجرة السيدة إيفان فائق، ومستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي المسؤولية الكاملة عما آلت إليه أوضاع النازحين الإنسانية في الساعات الماضية
لايوجد تعليقات