مخالفات قانونية ودستورية في محضر تقاسم الأوقاف الدينية

يدين مرصد أفاد الانتهاك الفاضح للقانون العراقي وقواعد الاحتكام للدستور في الملفات الخلافية التي استحدثت بعد عام 2005، من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس الوقف السني وكالة سعد كمبش، في خطوة من الممكن أن تهدد السلم الأهلي العراقي وتؤسس لتوتر ديني في البلاد، بسبب المخالفات القانونية والإدارية والمغالطات التاريخية التي وردت في وثيقة الاتفاق والتي بدا واضحا منها المجاملة الشخصية والسياسية على حساب القانون والواقع المفروض على الأرض تاريخيا واجتماعيا

ومما يعني المرصد في هذا الاتفاق هو الجزء المتضمن التنازل ونزع إدارة أوقاف ومساجد وأضرحة وأماكن مقدسة في محافظات عدة من البلاد معروفة الاعتقاد والمذهب والطريقة منذ الحقبة العباسية الأولى بالقرن السابع للميلاد وانتهاء بالحقبتين العثمانية والملكية وصولا إلى العام 2003 وما تلاها من أحداث تسلط وتغليب قوة السلاح على القانون والدولة، وهو ما قد ينذر بخطر كبير على التعايش الأهلي بين المكونات العراقية ويؤسس لتوتر قد تستغله جماعات لا تريد الخير والاستقرار للعراق

لقد أشّر القسم القانوني والدستوري في مرصد أفاد جملة من المخالفات القانونية والدستورية في هذا الاتفــــاق ولعل من أبرزها هو أن الفصل بأملاك وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المنحلة بأمر الحاكم المدني الأميركي بول بريمر عام 2003، يعتبر من ضمن الملفات الخلافية الاتحادية للدولة العراقية أسوة بملف المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وكذلك قانون النفط والغاز، والذي يتطلب توافقا ضمن قانون الأوقاف الذي يوجب أن يمر الاتفاق بمجلس الديوان الذي يعتبر الهيئة العليا المختصة بمثل هكذا اتفاقات وليس رئيس الوقف الذي لا يتمتع بصلاحيات دستورية كونه وكالة أولا ووقّع على محضر اتفاق ليس من تخصصه بل من تخصص ومهام مجلس الديوان

إن الاتفاق يلغي عمل لجنة الفك والعزل القانونية والمشكلة عام 2008 والتي تمت بالتراضي بين ممثلي الوقفين لحسم عائدية الوقفين، وهو ما لا يمكن القيام به من قبل الحكومة الحالية بدون إجراءات قانونية كون اللجنة اتخذت قرارات ونفذت خطوات وأن القيام باتفاق جديد يعني البناء على ما توقفت عليه اللجنة السابقة وليس ما توقف عليه الوضع القانوني والتراكمي لوزارة الأوقاف المنحلة عام 2003

إن الورقة الموقعة هي مقترح مقدم من ديوان الوقف الشيعي ونالت دعم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ووقع عليها من لا يملك صلاحيات التوقيع رئيس الوقف وكالة سعد كمبش

إن اعتبار أضرحة أنبياء كالنبي شيت ويونس ويشع ومقام الخضر ضمن تصنيف ما، وإحالتها للوقف الشيعي في مدن ذات غالبية مطلقة من مكون واحد يضع الحكومة في موقف الخصم الطائفي وليس الأبوي كما الحال بالنسبة لمدينة الموصل

إن تخويل رئيس الحكومة في أحد بنود الاتفاق صلاحية منح هذا الوقف أو ذاك لهذه الجهة أو تلك بدون محددات قانونية وإدارية تاريخية ودينية يعتبر سابقة خطيرة وانتهاكا لقانون الوقف السني رقم 56 لسنة 2012 النافذ

إن نقل الأرشيف الخاص بالوزارة المنحلة إلى وزارة الثقافة التي تخضع حاليا لنفوذ فصيل مسلح (عصائب أهل الحق) يعتبر مخالفة قانونية كونها لا علاقة له من قريب أو بعيد بهذا الأرشيف كما أن استعمال عبارة (الحجج الوقفية الصحيحة) يمهد للطعن بالحجج التاريخية والوثائق أو التلاعب بها دون النظر إلى حقيقة التاريخ والجغرافية والمنطق، ففي الوقت الذي لا يعتبر مسجد الكوفة التاريخي الذي شيده عامل عمر بن الخطاب على العراق سعد بن أبي وقاص على أنه تابع للأوقاف السنية يتم المطالبة بمسجد شمال العراق تساق روايات تاريخية حوله بأنه كان محطة استراحة لأحد الأئممة

إن اعتماد النسبة السكانية لانتخابات عام 2013 الخاصة بمجالس المحافظات في مسألة تحديد عائدية الوقف غير قانوني ولا يمكن أن تؤسس لتنوع مذهبي جديد بالعراق إذ تحكم على مئات المساجد في جنوب العراق بالانتقال إلى الوقف الآخر بينما تثبت ملكية وإدارة مساجد وأضرحة بالمقابل لاعتبار النسب والروايات التاريخية المختلف عليها أصلا، خاصة وأن معظم المساجد مشيدة من قبل أشخاص متبرعين ولا تعود ملكيتها إلى وزارة الأوقاف الملغاة

وعليه يحذر مرصد أفاد من مغبة تمرير الاتفاق المشبوه الذي يؤسس لنزاعات وخلافات اجتماعية وأهلية كبيرة بالمستقبل، ويبنى على هضم الحقوق والتلاعب بهوية المناطق ودور العبادة ولا يخلو من أنه مبني على توافقات وصفقات سياسية هدفها حماية مصالح أشخاص معينين على حساب المجتمع العراقي الكريم

ويدعو المرصد الجهات المعنية إلى التوجه للمحكمة الإدارية للطعن بالاتفاق في حال ما يزال نصاب المحكمة الدستورية مختلا ولا يمكن التحاكم إليها

عن الكاتب

Castle
editor

لايوجد تعليقات

أكتب تعليق

Skip to content