ديالى .. مليشيات منفلتة وجرائم مسكوت عنها

طوى العام 2020 آخر أيامه في محافظة ديالى، على خيبة أمل كبيرة ومُركّبة لدى سكان المحافظة، بسبب تنصل رئيس الحكومة العراقية السيد مصطفى الكاظمي، ووزراء أمنيين في حكومته، عن وعود قطعوها في عدة مناسبات منذ منتصف العام، آخرها نوفمبر الماضي، إزاء ملف الأمن بالمحافظة، ووقف الانتهاكات والجرائم التي تنفذها مليشيات مسلحة على أسس ودوافع طائفية بحق السكان، وبتواطؤ مكشوف من قبل قادة وضباط في الشرطة والاستخبارات ومحافظ ديالى السيد مثنى التميمي على وجه التحديد، والتي استفحلت خاصة بمناطق شمال شرق بعقوبة خلال الفترة الأخيرة، بشكل سجل حوادث نزوح ممنهجة في عدة مناطق وقرى نحو محافظات ومدن أخرى أبرزها السليمانية وبغداد وصلاح الدين، ما ينذر بموجة تغيير ديموغرافي جديدة في المحافظة تتورط بها المليشيات الرئيسية النافذة في ديالى بدوافع طائفية وبتكتم حكومي محلي ومركزي من بغداد.

وعلى الرغم من حالة التعتيم الإعلامي والتحريف الممنهج لحقيقة الأحداث اليومية في المحافظة بسبب الخوف من المليشيات النافذة في مدن ديالى، ما يجعلها لا تشبه أي محافظة أو مدينة أخرى في العراق، نجح أربعة من الزملاء أعضاء فريق الرصد في “مرصد أفاد” على مدار الأسبوعين الماضيين، في الحصول على معلومات وإفادات شفهية، وإجراء سلسلة مقابلات هاتفية وأخرى ميدانية في منازل الضحايا أو مع أقربائهم في بعقوبة والمقدادية والعظيم وقرى الخالص، والتحرير والكاطون، وبلدات مجاورة أخرى تؤكد أهمية وجود تحقيق مستقل وعادل برعاية أممية، حول سلسلة من الجرائم والانتهاكات التي تتورط بها مليشيات في المحافظة، وبعلم الأجهزة الأمنية المختلفة وحكومة ديالى المحلية، وبعض القضاة في المحافظة، تبدأ من عمليات الاعتقالات العشوائية المبنية على معلومات المخبر السري، وعمليات الخطف والابتزاز والتهديد، مرورا بالتهجير أو منع العودة للمنازل وانتهاء بهجمات قذائف “المورتر”، والاغتيالات، التي عادة ما يتم تصنيفها على أنها عمليات إرهابية.

تظهر معلومات حصل عليها “مرصد أفاد”، تورط قيادة شرطة ديالى في الامتناع عن تنفيذ أكثر من 200 مذكرة اعتقال قضائية صادرة من محاكم بغداد، وديالى وصلاح الدين، بحق متورطين بعمليات قتل وخطف وابتزاز واستيلاء على ممتلكات، وعلى أسس طائفية واضحة، صدرت بين فبراير 2019 ولغاية أكتوبر 2020، لأسباب تتعلق بانتماء المطلوبين لمليشيات نافذة، أبرزها جماعات “بدر”، و”عصائب أهل الحق”، و”سرايا السلام”، وأخيرا “كتائب حزب الله”، أو لأنهم مدعومون من جهات متنفذة في المحافظة، بالوقت الذي ما يزال قسم كبير منهم يمارسون عمليات إجرامية تهدد الأمن والاستقرار وعلى مرأى ومسمع من قيادة شرطة ديالى.

وتظهر معلومات من داخل قيادة شرطة ديالى تورط الضباط محمد التميمي، وعلي الربيعي، وسلام البياتي، بالمسؤولية عن تعطيل العشرات من مذكرات الاعتقال وأوامر القبض الفورية بحق عناصر مليشيات متورطين بعمليات قتل وتهجير أو متهمين بإطلاق قذائف هاون على قرى من طائفة معينة، بينها دعاوى مشفوعة بصور من كاميرات مراقبة، ورغم مرور أشهر عديدة إلا أن ما يظهر من تواطؤ بين الضباط والمتورطين هو نسق عام يجري في مراكز شرطة كثيرة خاصة في مدينتي المقدادية والخالص.

وفي 23 من نوفمبر الماضي، شوهد المدعو عدي الزركوشي -أبرز المطلوبــين بجرائم القتل والتهجير بحق القرويين من سكان المخيسة، وينتمي لمليشيا نافذة بالمحافظة- وهو يتجول بمقر قيادة شرطة ديالى بالتزامن مع زيارة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي للمحافظة، لكن ما يلفت أكثر أن الزركوشي جاء متوسطا لشخص آخر، وفقا لما أفاد به ضابط بالأمن العراقي لــ “مرصد أفاد”.

ومع عودة تسجيل عمليات الاغتيال بحق المواطنين يدعو “مرصد أفاد”، القضاء العراقي إلى فتح تحقيق موسع وشامل إزاء تعطيل وتجميد مذكرات القبض بحق المتورطين بجرائم القتل والتهجير والاغتيال، ورفع الحصانة عن المليشيات والقوى السياسية المتورطة في ديالى بملف دماء وأمن العراقيين.

عن الكاتب

Castle
editor

لايوجد تعليقات

أكتب تعليق

Skip to content