حصل مرصد “أفاد”، على معلومات خطيرة تؤكد قيام وزارة الزراعة العراقية، منذ مطلع شهر حزيران/ يونيو العام الماضي، بفسخ العشرات من العقود الزراعية للسكان الأصليين بمناطق عدة من جنوبي بغداد، وشمال محافظة بابل ضمن بلدة جرف الصخر، وشمال الإسكندرية والمناطق المحاذية لمحافظة الأنبار، بما تنطوي على نوايا إحداث تغيير ديموغرافي جديد في تلك المنطقة، خاصة مع إحالة بعض تلك العقود إلى جهات أخرى بدعم من منظمات مسلحة نافذة في العراق، ضمن “هيئة الحشد الشعبي”.
وأبلغ مسؤول رفيع في وزارة الزراعة العراقية، مرصد “أفاد”، بعمليات فسخ للعشرات من العقود الزراعية يتورط بها مسؤولون في مكتب وزير الزراعة بحجة عدم استثمار الأرض، في مناطق جرف الصخر وأطراف المسيب جنوب غرب الإسكندرية، رغم أن أصحابها نازحون قسريا ولا يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم وأراضيهم منذ نحو 6 سنوات، بينما يُطلب من الآخرين في مناطق جنوبي بغداد، جلب ورقة تزكية أمنية من جهاز الأمن الوطني كشرط لتجديد العقد، وفي حال كانت لديهم أية مشاكل أمنية من قُبيل تورط لأشخاص من أقربائهم لغاية الدرجة الثالثة مع الجماعات الإرهابية لا يتم منحهم تلك الورقة وهذا أدى إلى فسخ عقودهم وعدم تجديدها.
كما وكشف المسؤول عن أن العقود المفسوخة شملت مناطق زراعية مهمة وذات كثافة سكانية أيضا وأبرزها: مناطق وقرى أبو شمسي والخضر وكيلو 12 وكيلو 14 ومناطق شرق اللطيفية والمنشئات (القعقاع وحطين) وصدر اليوسفية ومنطقة فحيل وأم الجير وصولا إلى القراغول الجنابيين ولغاية أراض ومقاطعات في الفارسية والبهبهاني وصنيديج والفارسية، ومركز الناحية ضمن بلدة جرف الصخر وصولا إلى جنوب غرب ناحية الإسكندرية ضمن مناطق شمال محافظة بابل.
وتحدث المسؤول عن أن الإجراء نفسه تم في أراض قرب الرضوانية من جهة مطار بغداد عام 2018، تحت مزاعم منحها لهيئة الاستثمار، وتم طرد الفلاحيين منها الذين يقيمون فيها منذ عقود طويلة.
ووفقا لشهادات متطابقة قدمها على انفراد ثلاثة مواطنين عراقيين أحدهم يقيم في مخيم ببلدة اللطيفية ويدعى (ح ع) ويبلغ من العمر 49 عاما، وهو من أهالي بلدة جرف الصخر، وآخر يسكن بلدة المسيب بصفة نازح أيضا ويدعى (أبو محمد) ويعمل موظفا في دائرة الضمان الاجتماعي بمحافظة بابل، والثالث ناشط إغاثي بارز .. فإن قسما كبيرا من الأراضي التي تم نزع حق الاستصلاح منها من أصحابها الذين يقيمون فيها منذ ما قبل تأسيس الدولة العراقية مطلع القرن الماضي، تم منحها لجهات أخرى وتم استصلاحها وزراعتها، ولا يوجد منفذ أو جهة يستطيع النازح المطالبة أو الاعتراض على سلب حقه إذ يقيم بمخيمات بالكاد توفر له حق الحياة.
واستندت حجة وزراة الزراعة إلى وجود شرط وحيد في استصلاح أراضي العقود الزراعية وهو زراعتها، رغم أن حجة الوزارة باطلة قانونا كما أكدها القسم الحقوقي والقانوني في مرصد “أفاد”، لوجود ظرف قاهر يمنع السكان من العودة لأراضيهم واستصلاحها حيث يقيمون في مخيمات النزوح، كما أن الاشتراط بالحصول على ورقة أمنية يترتب على تعذر الحصول عليها فسخ العقد الزراعي دون أي إجراءات أخرى هو مخالفة قانونية إذ يتم أخذ المواطنين بجريرة الآخرين وإبعادهم عن أراضيهم ليتم منحها لآخرين بعد ذلك، دون إتاحة توكيل محامين أو الاعتراض على الخطوة.
إن شراء وزارة الزراعة منتجات التمور للعام الماضي من مناطق جرف الصخر وضواحيها، من غير أصحابها الشرعيين ومن دون أي اعتبار أخلاقي في كون تلك الأراضي منزوعة السكان وتم تهجير أهلها، يؤكد تورط مسؤولين في الوزارة بملف فسخ العقود الزراعية للسكان الأصليين في تلك المناطق، إضافة إلى قرينة شمول تلك المناطق بخطة أعلاف الأسماك المدعومة من الحكومة.
وهذا يؤكد أن تلك المناطق استغلت فعلا من غير أصحابها، بينما تم التوثيق على مدى الأسابيع الماضية، وصول منتجات زراعية أبرزها البطاطس والطماطم والخس، إلى “علوة المسيب”، وتجار الجملة في المحاويل قادمة من جرف الصخر وضواحيها عبر جهات مجهولة، أكد أحد تجار الجملة لـ”مرصد أفاد”، أنهم يتبعون لجماعة “كتائب حزب الله”، إذ قامت الجماعة التي تسيطر على البلدة، بمنح استثمارات سنوية لأقفاص تربية وتكثير السمك وكذلك الأراضي الزراعية والبساتين في المنطقة لمتعهدين وتجار من محافظة بابل.
ومن المناطق التي تم تأكيد الاستيلاء عليها واستثمارها فعلا من قبل المليشيات الموجودة في جرف الصخر وضواحيها أراضي بيت كصب الجنديل وأراضي بيت جاسم الجنابي وأراضي علي الفرحان، وأراضي خميس المحل، وبساتين علي الجنابي (أبو رفل)، وأراضي الصبخة العائدة لعائلة (كريم الملا عبد) وبستان عبيد الجنابي، وأحواض وحقول دواجن على الشارع العام ومناطق أخرى داخل جرف الصخر.
يؤكد مرصد “أفاد”، أن خطوات وزارة الزراعة في سلب الأراضي الزراعية من السكان في مناطق جنوبي بغداد وشمالي بابل ضمن المناطق الحدودية مع محافظة الأنبار، تنطوي على مخاطر كبيرة تمثل ترسيخا لمشروع التغيير الديموغرافي الطائفي الذي تبنته جهات مسلحة في العراق، تعمل على تغيير التركيبة الطائفية لمناطق عدة في العراق.
ويطالب مرصد “أفاد”، من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الوقوف على ملف فسخ العقود الزراعية للسكان الأصليين بحجج وذرائع مختلفة ومنحها لآخرين وذلك لوجود دلائل على تورط مسؤولين في وزارة الزراعة بمشاركة مليشيات نافذة في المشروع الخطير الذي يهدف لقتل أي أمل بعودة السكان الى منازلهم وتغيير هوية السكان في تلك المناطق.
ويعلن مرصد “أفاد”، عن بدء تحرك واسع إزاء هذا الملف لذا يدعو المواطنين الذين فسخت عقودهم وسلبت أراضيهم لإرسال ما لديهم من وثائق ومعلومات إلى القسم القانوني على الهاتف: 0046734325687
لايوجد تعليقات