الاستيلاء على أكثر من 15 ألف دونم شرقي اللطيفية

في إطار عمليات تضييق غير قانونية ولا إنسانية تمارسها أطراف مختلفة سياسية وحكومية داخل مناطق حزام بغداد منذ أشهر طويلة، وتدخل ضمن مشاريع التغيير الديموغرافي في تلك المناطق، حصل مرصد “أفاد”، على معلومات مؤكدة تشير إلى مصادرة أكثر من 15 ألف دونم زراعي في مناطق شرق اللطيفية جنوبي بغداد، وتسليمها لصالح مديرية الإسكان العسكري بوزارة الدفاع العراقية نهاية الشهر الماضي.

وبحسب مصادر رفيعة في وزارتي الدفاع والمالية، فقد تم توقيع قرار مصادرة ما يزيد عن 15 ألف دونم، يقيم فيها ما لا يقل عن ألفي عائلة عراقية من الفلاحيين والمزارعين من عشائر الغرير والسعيدات والجنابيين وعشائر أخرى ضمن كيلو 5 وكيلو 14 وكيلو 12 وكيلو 18 والسعيدات ومناطق أخرى مجاورة تقع شرق اللطيفية المجاورة لناحية جرف الصخر، تبدأ من مناطق مستودع اللطيفية وصولا إلى نهر الفرات، وعلى امتداد يبلغ مجموعه أكثر من 15 ألف دونم جميعها زراعية منتجة تغذي أسواق العاصمة العراقية بمختلف المحاصيل اليومية عدا عن حقول الدواجن والبيض.

وأكد فلاحون أن قوة عسكرية وصلت للمنطقة، وأبلغت السكان بقرار إخلاء مناطقهم في أقرب وقت كونها باتت ملكا لمديرية الإسكان العسكري التابعة لوزارة الدفاع العراقية، وتم تسليم بعضهم إنذارات بهذا الخصوص لمغادرة منازلهم ومزارعهم وممتلكاتهم التي يقيمون فيها منذ عقود طويلة أبا عن جد، دون أن يتقدم مسؤول إليهم ويشرح لهم مصيرهم، ويظهر أيضا إلغاء خطة إنشاء مدرسة ابتدائية في المنطقة للسبب ذاته، وإيقاف تزويد المنطقة بأي نوع من الخدمات.
إن الخطوة الخطيرة التي تنطوي على عملية تهجير قسرية جديدة لا تختلف شكلا ومضمونا عما فعلته جماعة تنظيم “داعش”، في سنوات خالية وتمثل واحدة من الانتهاكات القانونية والإنسانية التي تمارس تحت غطاء الدولة العراقية وباسم القانون.

وتواصل مرصد “أفاد”، مع مسؤول بوزارة الدفاع وأكد أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، اختارت المنطقة لإقامة مشروع لإسكان الضباط والعسكريين من منتسبي الوزارة رغم أن المشروع كان يقضي بإقامته في منطقة “معسكر طارق” غربي بغداد التي هي ملك لوزارة الدفاع أساسا لكن قيام جهات متنفذة بالاستيلاء على أرض معسكر طارق، أدى إلى رفع وزارة الدفاع شكوى قضائية لاسترداد أرض المعسكر ليُصار إلى تشكيل لجنة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة المالية، انتهت بتعويض وزارة الدفاع أرضا بديلة عن أرض معسكر طارق في اللطيفية جنوبي بغداد لإقامة مشاريع السكن الخاصة بها.

وأكد المسؤول أن اختيار منطقة زراعية منتجة ويشغلها مئات العوائل العراقية سكنا وعملا كان مقترحا من أحد المسؤولين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بحكومة مصطفى الكاظمي، وتم الموافقة عليه، دون بحث مصير هذه العوائل، أو في جملة المخالفات القانونية بالقرار منها أنها أراض زراعية مسكونة ومنتجة ومصنفة على أنها ضمن مناطق الزراعة النشطة في العراق والمستقرة وتمثل متنفسا بيئيا هاما للعاصمة وطوقا أخضر لها والثانية أنها مخالفة قانونية بتعويض أرض في محافظة بمحافظة ثانية.

مضيفا أن شبهات فساد كبيرة تحوم حول شخصية سياسية بارزة ومتنفذة من محافظة الأنبار، كونها هي من تدخل على خط الانتفاع من استثمار معسكر طارق ودفعت باتجاه تعويض وزارة الدفاع بمكان آخر على حساب أهالي تلك المنطقة (اللطيفية) الذي سيتم فعلا تهجير أهلها منها.
النائب السابق في البرلمان العراقي كامل الغريري قال لمرصد “أفاد”، إنه توجه إلى الجهات المسؤولة في بغداد وتأكد بأن الأراضي تمت مصادرتها فعلا لصالح وزارة الدفاع دائرة الإسكان الزراعي.

وأضاف الغريري أن هذه الأراضي الزراعية يسكنها أكثر من ألفي عائلة، ويقيمون فيها منذ عقود طويلة جدا، كما أنهم يملكون عقود 117 التي وزعت لهم في زمن عبد الكريم قاسم، بواقع 40 دونما لكل شخص وكلها منتجة بمختلف المحاصيل وفيها منظومات مياه ري وحقول دواجن ومواشي وتمثل أحد سلال بغداد الرئيسة، ومن فيها يقيمون أبا عن جد، وتكاثروا فيها ولا مكان آخر لهم غيرها حالهم كحال أي منطقة بالعراق.

مبينا أنه لا يوجد أي سند قانوني لانتزاع الأراضي من أهلها وتسليمها لوزارة الدفاع وتحويلها من زراعية إلى سكنية، متسائلا “هل يجوز تعويض وزارة في محافظة بأراض في محافظة أخرى كما حصل الآن بتعويض وزارة الدفاع عن معسكر طارق في الأنبار بأراض في اللطيفية”. محذرا من مغبة تمرير الأمر وطالب بالوقت نفسه بالعمل على وقف ذلك.

وإذ يدين مرصد “أفاد”، تورط الحكومة بمشاريع تندرج ضمن التغيير الديموغرافي في العراق فإنه يطالب رئاسة البرلمان العراقي، ومفوضية حقوق الإنسان وبعثة الأمم المتحدة بوضع حد لجرائم الإبعاد القسري وإعادة التوطين أو تغيير واقع الحال، التي تجري في مناطق عدة من حزام بغداد تحت ذرائع وحجج مختلفة، ومنع تنفيذ عملية تهجير قسرية للسكان الأصليين لهذه المناطق، كما ويطالب مرصد أفاد كافة الحقوقيين والناشطين المدنيين بالتنديد والضغط على الجهات الحكومية لمنع وتجريم مثل هذه الخطوات التي تفتح داخل المجتمع العراقي جروحا لا أمل بشفاء قريب لها.

عن الكاتب

Castle
editor

لايوجد تعليقات

أكتب تعليق

Skip to content