مخيمات العائلات النازحة في مدينة عامرية الفلوجة

ينفي #مرصد_أفاد ما أعلنته وزارة الهجرة والمهجرين يوم 18 من ديسمبر /كانون الأول ومحافظ الأنبار يوم 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري صحة إعلانهم إغلاق جميع مخيمات النازحين في العراق، باستثناء مخيمات إقليم كردستان، ضمن الحملة التي أطلقها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لإنهاء ملف النزوح في البلاد، بعد تسلمه السلطة، في شهر مايو من العام الماضي.
وهنا يضع مرصد أفاد الحقائق أمام الرأي العام بشأن مخيمات النازحين وتحديدا في منطقة بزيبز التابعة لعامرية الفلوجة، بعد أن وصل المرصد إلى مخيمات تضم نحو 1200 عائلة، واستطاع توثيق شهادات لعشرات العوائل فيها، حيث تنقسم إلى قسمين:
أولاً: المخيم المركزي الذي يضم مئات العائلات من مناطق غربي الأنبار وتحديدا بلدات راوة والقائم وعائلات قليلة جداً من الكرمة والفلوجة، وكل هؤلاء ممنوعون من العودة إلى مناطقهم إما لسيطرة الميليشيات المسلحة على منازلهم وقراهم أو بسبب المؤشرات الأمنية.
وكان المخيم المركزي يضم 14 مخيماً فرعيا ثم تقلصت إلى 10 مخيمات، وهي مخيمات الشهداء والسلام والنصر والتحرير والمتين والكرفانات والسعادة والقاعات والأمل المنشود والحجاج، بإجمالي يصل إلى 395 عائلة تقريبا.
ورغم أن البنى التحتية لازالت تعمل فيه كمضخة تصفية المياه ووصول التيار الكهربائي بجهود من “منظمة داري” الممولة من منظمات إغاثية دولية، فإن الحكومة المحلية أبلغتها بوجوب إنهاء خدماتها بعد تلقيها أوامر من وزارة الهجرة، تمهيداً لغلق المخيم، وهو أمر لاقى استنكاراً واسعاً بسبب تنصل الحكومة المركزية عن دعمهم سابقاً وفشلها بتوفير بديل لهم، في الوقت الذي توفر فيه المنظمة الدولية مركزاً صحيا يضم كادرا طبيا ومستلزمات طبية (على بساطة إمكاناته) وكذلك وجود مدرسة حكومية داخل المخيم خاصة لأبناء العوائل النازحة بحسب شهادات مصورة لمرصد أفاد.
ويبدو أن الضغط الحكومي عطل جهود منظمة “داري” إما بالتضييق عليها أو إغراء بعض العائلات فيه بمنحة حكومية مالية بسيطة لمغادرته وإخلائه قسراَ، وهذا المخيم هو الذي تعنيه وزارة الهجرة بنجاحها بإغلاقه.
ثانياً: المخيمات العشوائية التي تمتد على مناطق شاسعة تصل إلى 25 كيلومتراً، وهي الأكبر حجماً والأكثر سوءاً وفقراً وبؤساً، وتسكنها أكثر من ثمانمائة عائلة نازحة من عشائر الجنابيين والعويسات من مناطق جرف الصخر والمسيب، وأكثرها خيم بالية تم توزيعها منذ 6 أعوام، ويقبعون على امتداد الطريق العام بين مناطق البحوري مرورا بالهريمات وصولاً الى منطقة بزيبز، حيث تتداخل هذه المخيمات داخل مناطق القرى العشائرية لقبيلة البوعيسى، وتضم هذه المخيمات 6 قطاعات وهي البترة 1 و2، وقطاع البحوري والهريمات، وقطاع 74+50، وقطاع البوسليمان، وقطاع البوجواد، وقطاع مويلحة.
وقد وثّق مرصد أفاد خلال زيارته هذه المنطقة، وضعاً كارثياً صحياً واجتماعيا بسبب رفض حكومة بغداد تقديم الدعم الغذائي والطبي لهم، فضلا عن ضغوط وصلت حد الابتزاز المالي والأخلاقي، في ظل افتقار كثير من هذه العائلات لمعيل واقتصارها على نساء أرامل وأطفال أيتام، فقد تعرض ذووهم من الرجال إلى التصفية الجسدية أو الاعتقال في أحداث ما بعد عام 2014 بين تنظيم داعش والقوات الأمنية أو الميليشيات المسلحة.
كما أن المركز الصحي الذي أنشأته “المنظمة النرويجية”، يفتقر الآن للمقومات اللازمة وتنعدم فيه أدوية الأمراض المزمنة، ناهيك عن وجود إصابات سرطانية وإعاقات بدنية.
ورغم وجود مدرسة كرفانية إلا أنها متواضعة جداً من حيث الكادر التعليمي، وتصنف معظم هذه العائلات على أنهم تحت مستوى خط الفقر، ويعتاش بعضهم على الفلاحة في مزارع وبساتين تعود للعشائر القريبة بأجور يومية زهيدة.

يدعو مرصد أفاد المنظمات الإغاثية والمحسنين لمدّ يد العون للساكنين في تلك المخيمات وخصوصا العشوائية منها المحيطة بمنطقة بزيبز، وسط قلة الغذاء وانعدام أدوية الأمراض المزمنة، ويؤكد مرصد أفاد أن ما أعلنته وزارة الهجرة والمهجرين على لسان الوزيرة فيان جابرو ووكيل الوزارة كريم النوري ومحافظ الأنبار علي فرحان عن إغلاق مخيمات محافظة الأنبار وتحديدا في منطقة عامرية الفلوجة، هو أمرٌ عار عن الصحة والدقة ويخالف الواقع المأساوي الذي استقصاه مرصد أفاد عن تلك المخيمات، بل إنه يمثل تهربا من مسؤولياتهم تجاه آلاف القاطنين فيها الذين يرزحون منذ سنوات تحت الجوع والفقر في خيم بالية لا تقي حر الشمس أو الأمطار فضلاً عن برودة الشتاء الذي بدأ ينهش بأطفال هذه المخيمات.

ويجدد مرصد أفاد دعوته للحكومة المحلية بمحافظة الأنبار والمركزية ببغداد الى تحمل مسؤولياتهم الدستورية والأخلاقية وحمايتهم من الابتزاز وإساءة المعاملة، مع ضرورة توفير مقومات الحد الأدنى للعيش الكريم وصرف مبالغ مالية تكفيهم ذل السؤال من الآخرين، وتوفير مفردات البطاقة التموينية، وأخيراً العمل على حل شامل لمأساتهم عبر الكشف عن مصير ذويهم والضغط على الأطراف السياسية والفصائل المسلحة لإنهاء احتلال مناطقهم وإرجاع سكانها إليها، وأن يكونوا أكثر جدية في قضية التدقيق الأمني الذي يعوق خروج تلك العائلات من المخيمات ويمنع اندماجهم مجددا في الحياة المدنية.

عن الكاتب

Kanans Kanans
editor

لايوجد تعليقات

أكتب تعليق

Skip to content