استقرت حصيلة الاعتداء المُروّع الذي نفذه مسلحون ينتمون لفصيل مسلح نافذ في محافظة ديالى شرقي العراق، مساء الإثنين الموافق 20/ شباط فبراير، عند 9 ضحايا بينهم سيدتان وفتى في الخامسة عشرة من عمره، مع وجود جرحى ما زالوا يخضعون للرعاية أحدهم حالته وصفت بالحرجة، مع استمرار إغلاق قوات الأمن العراقية المنطقة التي يؤكد سكان قرويون فيها أن المهاجمين غادروا بعد تنفيذهم الاعتداء بنحو 20 دقيقة، دون تحرك نقطة أمنية كانت قريبة على مكان الجريمة بنحو 300 متر فقط، بالقرب من (بستان الحاج محمد العزاوي).
يؤكد مرصد “أفاد”، أنه بعد جمع سلسلة من الإفادات السمعية والمكتوبة لستة من سكان القرية المنكوبة، وعنصري أمن محليين بأن الجريمة الجديدة، تندرج ضمن سلسلة الجرائم المتكررة في ديالى ويتورط بها عناصر تابعة لمليشيات نافذة بمحافظة ديالى أبرزها “بدر”، و”عصائب أهل الحق”، و”سرايا السلام”، وارتكبت بسلاح يفترض أنه تابع لـ”الحشد الشعبي”، على غرار مجزرة قرى نهر الإمام في المقدادية نهاية عام 2021 والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى، وتهجير 560 أسرة، وجريمة قصف قرى حوض العظيم بالهاون التي خلفت 30 قتيلا وجريحا من المدنيين في أكتوبر العام الماضي.
إن انسحاب قوات الجيش من قرية جيايلة بالكامل ومن الطريق الحولي الترابي الرابط بينها وبين قرية البو بالي، بشكل مفاجئ وترك المنطقة تحت سلطة عناصر مسلحة، قبل أيام من تنفيذ الجريمة، تعتبر أحد أوجه الفشل الأمني في المحافظة وهيمنة المليشيات عليها.
سبق الجريمة قيام عناصر مسلحة بإطلاق النار بشكل عشوائي على سكان القرية، واستخدام سيارات تابعة لـ”الحشد الشعبي”، في الدخول للقرية عدة مرات، كان آخرها يوم الجمعة الماضي، الذي اقتحم فيه المسلحون القرية خلال إقامة صلاة الجمعة، ونظموا أشبه ما يكون باستعراض مسلح لترهيب الأهالي وسط غياب تام للدولة العراقية بجميع مفاصلها.
يتوضح من إعدام المسلحين لأحد الضحايا الذين صادف وجوده مع دخولهم موزعين عبر سيارة طراز كيا ميني باص، ودراجات نارية، وسيارة أخرى من طراز بيك أب نيسان لون (خاكي)، بأن دوافع الهجوم كانت انتقامية طائفية، وليست كما تحاول السلطات اعتباره نزاعا قبليا عابرا.
إن عملية التنكيل بأحد الضحايا المختطفين من قبل المهاجمين عبر قتله والتمثيل بجثته، يُمثل واحدة من أبرز مظاهر اللا دولة التي تعاني منها محافظة ديالى، بسبب فشل المحافظ الحالي مثنى التميمي، في أن يكون محافظا لكل سكان المحافظة وتعامله الطائفي وانحيازه الواضح في أزمات المحافظة ومشاكلها الأمنية.
تفيد معلومات مرصد “أفاد”، بأن كلا من مهند الدليمي ومحمد حسين، المؤشر وجودهم ضمن المهاجمين، ويعملون ضمن “الحشد الشعبي”، يسكنون منطقة التحويلة ضمن قرية البو بالي، إلى جانب باقي المهاجمين، ولم تتحرك قوات الأمن لاعتقال المهاجمين أو منع هروبهم رغم مرور ساعات طويلة على المجزرة.
جاءت تحقيقات قيادة شرطة ديالى ببراءة أهالي قرية جيايلة من الاعتداء الإرهابي الذي تعرض له أبناء من قرية البو بالي في 22 ديسمبر الماضي، والذي على أساسه استند المهاجمون في تنفيذ مجزرة يوم أمس، وكان الهجوم انتقاميا من سكان القرية، بما يشير الى استخدام المليشيات الغطاء الحكومي لتنفيذ جرائم متكررة في هذه المحافظة.
يدعو مرصد “أفاد”، السلطات العراقية إلى اعتبار قرى وبلدات شمال شرقي بعقوبة مناطق منزوعة من المليشيات والجماعات المسلحة، ونشر وحدات الجيش والشرطة فقط، حفاظا على أرواح المواطنين من جرائم ذات طابع طائفي باتت تتكرر بشكل دوري ووصلت خلال السنوات 2020 و2021 و2022 و2023، إلى 9 مجازر مماثلة راح ضحيتها ما لا يقل عن 300 شخص بين قتيل وجريح وتهجير مئات العوائل كلهم من الطائفية السنية بما يوضح طبيعة الذين يقفون وراء تلك الجرائم.
ويؤكد مرصد “أفاد”، على أهمية تحرك الأمم المتحدة، وأخذ دورها في الضغط على السلطات في حماية المدنيين العزل الذين أثبتت مجزرة يوم أمس أنهم لا يملكون قطعة سلاح واحدة للدفاع عن أنفسهم، من هجوم وتنكيل دام نحو 20 دقيقة بدون تدخل أمني.
ويدعو مرصد “أفاد”، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوفاء بتعهداته التي أطلقها باتباع نسق جديد يعاقب الفاسدين ويطارد المجرمين المتورطين بجرائم ضد العراقيين، ويشدد المرصد على ضرورة إنصاف ذوي الضحايا وتعويضهم، كما يطالب المرصد الادعاء العام ومجلس القضاء للقيام بدورهم الحقيقي المنصوص عليه دستورياً في متابعة المتهمين والمجرمين من المسلحين والمقصرين من الأجهزة الأمنية وإصدار الأحكام الرادعة التي تكفل وقف تكرار هذه المجازر التي تولد الاحتقان وتدفع الجهات الإجرامية المختلفة لمزيد من الأعمال الانتقامية.
لايوجد تعليقات